منة زايد
أُنتجت هذه المادة ضمن “ورشة الكتابة الصحفية عن القضايا البيئية وتغير المناخ في العالم العربي” بالتعاون بين شبكة تنمو ومؤسسة جرينش وبتمويل من مؤسسة فريدريش إيبرت. الآراء الواردة في هذه المادة تعبر عن كاتبها وليست بالضرورة تعبر عن الجهات المنظمة والداعمة لورشة الكتابة.
في عام ٢٠١٨ وجد العلماء أن أسماك أطول نهر في العالم، نهر النيل، ملوثة بالبلاستيك.
خلصت دراسة قام بها علماء على ٤٣ نوعاً من أسماك النيل، إلى وجود جزيئات بلاستيك في الجهاز الهضمي لأكثر من٧٥٪ من عينات الأسماك المأخوذة، هذه الجزيئات كانت كبيرة كفاية ليستطيع العلماء استرداد ٢١١ قطعة منها خلال الدراسة، الأمر الذي يوضح حجم التهديد المباشر الذي يمثله التلوث البلاستيكي على صحة المصريين اليومية، هذا الخطر لا يخص المصريون وحدهم.
صار التلوث البلاستيكي مصدر قلق بيئي عالمي ، مع استخدامه على نطاق واسع في مختلف الصناعات والحياة اليومية، طوال دورة حياة هذه المادة، يمكن للإنسان العادي أن يتناول ما يقرب من 5 جرامات من البلاستيك كل أسبوع.
الآثار الصحية للبلاستيك لا تزال مجالًا بحثيًا جديدًا إلى حد ما ، فتشير النتائج العلمية حتى الآن إلى تسبب البلاستيك في عدة أمراض، كما أن لدائنه الدقيقة يمكنها أن تعمل كأوعية لمسببات الأمراض وتساعدها على دخول نظامنا، مما يزيد من انتشارها بشكل عام، وتعد الفئات الضعيفة، بما في ذلك الأطفال والنساء والعاملين في قطاع المخلفات غير الرسمي والمجتمعات المهمشة، أكثر تعرّضاً لهذا الخطر بشكل خاص ، الأمر الذي يعكس شكلاً من أشكال الظلم البيئي.
لدائن البلاستيك الدقيقة
اللدائن الدقيقة، وهي جزيئات بلاستيكية صغيرة يبلغ قياسها أقل من ٥ مم، انتشرت في البيئات المختلفة. ما يعرض الإنسان لها عن طريق عدة مصادر: مثل الطعام ومياه الشرب، والتربة والهواء، لاحتوائها على مواد كيميائية مثل الفثالات، فإنها تتفاعل مع جسم الإنسان وأعضائه.
يختلف شكل التلوث البلاستيكي وأثره على الإنسان، بحسب تعرضه للبلاستيك في أي مرحلة من دورة حياته ويواجه العاملون في صناعته وإعادة تدويره مخاطر صحية محددة بسبب التعرض للمواد البلاستيكية والمواد الكيميائية.
إضافة إلى التلوث الناتج عن صناعة من البلاستيك من مواده الأولية، الوقود الأحفوري، فإستخراج النفط من الأرض، خاصة باستخدام تقنية التكسير الهيدروليكي للغاز الطبيعي، يطلق مجموعة من المواد السامة في الهواء والماء، إضافة إلى أكثر من 170 مادة تستخدم في إنتاج المادة الأولية التي تستخدم لصناعة البلاستيك، لها تأثيرات سامة متعددة على صحة الإنسان. تشمل الآثار الموثقة للتعرض لهذه المواد ضعف الجهاز العصبي ، ومشاكل الإنجاب والنمو، والسرطان، وغيرها من الأمراض المرتبطة بهذا التلوث.
وتأتي بعد كل ذلك اللدائن الدقيقة، يتعرض لها الإنسان نتيجة استخدامه المتكرر للمواد البلاستيكية، وأخيراً من سوء إدارة التخلص من النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها.
نتيجة التخلص غير السليم من النفايات البلاستيكية، يتكسر البلاستيك إلى تلك الجزيئات الدقيقة، ما يمكنها من تلويث التربة والمنتجات الزراعية، والانتقال عبر الهواء، لتدخل أجسامنا في النهاية متفاعلة معها، مسببة الأمراض والعدوى التي تصاحب التلوث البلاستيكي.
بمجرد أن يصل البلاستيك إلى البيئة في شكل جزيئات بلاستيكية أو كبيرة ، فإنه يلوث ويتراكم في سلاسل الغذاء من خلال التربة الزراعية ، وسلاسل الغذاء الأرضية والمائية ، وإمدادات المياه. يمكن لهذا البلاستيك البيئي بسهولة ترشيح المواد المضافة السامة أو تركيز السموم الموجودة بالفعل في البيئة ، مما يجعلها متاحة بيولوجيًا مرة أخرى للتعرض البشري المباشر أو غير المباشر.
ومع تواجد هذا الخطر الداهم حولنا، يصعب تقييم أثره الحقيقي ومداه بدقة، نطراً لقلة الشفافية حول نوعية المواد الكيميائية في البلاستيك والمواد الداخلة في عمليات إنتاجه.ويقلل من قدرة المنظمين على تطوير حلول كافية للحد من تعرضهم.
جهود دولية
بعد اعتماد قرار تاريخي لإنهاء التلوث البلاستيكي في جمعية الأمم المتحدة للبيئة في مارس 2022 ، بدأت إجراءات وضع معاهدة جديدة بشأن هذه المسألة في عام 2022. يمكن أن تكون المعاهدة فرصة لحماية صحة الإنسان بشكل أفضل من المخاطر المرتبطة مع البلاستيك.
وتتجه العديد من دول العالم الآن إلى حظر استخدام الأكياس البلاستيكية للحفاظ على البيئة والصحة العامة ، وتفرض قوانيناً لهذا الغرض وغرامات مالية على المخالفين. فعلى مستوى الدول العربية، فرضت المغرب، ثاني أكبر مستهلك للبلاستيك في العالم بعد المملكة المتحدة ، قانونا يحظر استخدام البلاستيك منذ عام 2016 ، وفي آسيا، اتخذت كوريا الجنوبية قرارا بحظر استخدامه في المتاجر مع تعريض المخالفين بغرامات تصل إلى 3 ملايين وون ، وفي أفريقيا، وافقت كينيا على غرامة قدرها 38 ألف دولار أو 4 سنوات في السجن ، ورواندا حظرت جميع الأعمال في عام 2008.
أما في مصر، أعلنت محافظة البحر الأحمر حظر استخدام البلاستيك، بناء على مذكرة قدمتها جمعية حماية البيئة في البحر الأحمر للمحافظة الأنواع المهددة بالانقراض عن طريق الابتلاع أو الاختناق أو الغرق أو التسمم من المخلفات البلاستيكية، مما يؤثر بشدة على صحة الإنسان.
اترك تعليقاً